1. المحور الأول : حالة الاقتصاد العالمي بعد إعلان القضاء على “covid19“.
1.2 النفط الذي تحركت لأجله جيوش الأمس
فعلا … النفط الذي رفع بلادا وأذل أخرى، وحرك جيوشا، وأقام ممالك …. اليوم ناقلاته في البحر ممنوعة العبور، وكأنها ناقلات تحمل أشخاصا مصابين بكوفيد 19، فهل هناك علاقة بين كوفيد 19 وسعر النفط ؟
1.1.1 ما سبب انهيار الأسعار التاريخي الذي حدث مساء الإثنين 20 أبريل/ نيسان الذي أصاب خام غرب تكساس ؟
السبب المباشر هو أن التعاملات على خام غرب تكساس تكون في صورة عقود آجلة والإثنين كان اليوم الأخير لعقود مايو/أيار والخام المعروض تم إنتاجه بالفعل ووصل إلى نقطة التسليم، وعدم بيعه يعني اضطرار المنتج لتخزينه وتحمُّل تكاليف التخزين وهي مرتفعة وتصل أحياناً لـ40 دولاراً للبرميل كتكلفة تخزين.
أما الأسباب غير المباشرة فتتمثل بالأساس في انخفاض الطلب على النفط بسبب الإغلاق الاقتصادي جراء وباء كورونا من جانب، ووفرة المعروض في الأسواق جراء حرب الأسعار التي أشعلتها السعودية مطلع مارس/آذار ما تسبب في انهيار الأسعار، وأقبل المستوردون للنفط على شرائه وتخزينه حتى أوشكت المخازن على الامتلاء ويستخدم البعض الناقلات البحرية للتخزين.
1.1.2 هل تأثر سعر خام برنت الذي على أساسه يتم تسعير ثلثي كمية نفط العالم؟
صحيح أن خام برنت لم يتعرض للكارثة غير المسبوقة التي تعرض لها خام غرب تكساس، إلا أن أسعار برنت تراجعت أيضاً بشكل كبير الإثنين والثلاثاء، حيث وصل لحدود 23 دولاراً للبرميل بعد أن كان في حدود 30 دولاراً.
الظروف التي يمر بها النشاط الاقتصادي في العالم حالياً تشير إلى أن انهيار أسعار النفط سيتواصل بسبب وفرة المعروض وامتلاء أماكن التخزين مع تدني الطلب جراء تأثيرات وباء كورونا التي لا يعرف أحداً على وجه اليقين متى يمكن القضاء على الفيروس.
1.1.3 هل هناك مستفيد من انهيار أسعار النفط؟
في الوقت الحالي لا يبدو أن هناك طرفاً مستفيداً بسبب الظروف المرتبكة جراء وباء كورونا والإغلاق الكبير للنشاط الاقتصادي، وحتى مستهلكو المنتجات النفطية التي انخفضت أسعارها بالطبع يجد معظمهم أنفسهم ملتزمين بالبقاء في المنازل كوقاية من الفيروس المنتشر.
المستوردون للنفط يبدو أنهم أحد الأطراف المستفيدة، لكن في ظل تدني الطلب وارتفاع تكلفة التخزين، سواء في المخزونات التجارية أو التخزين العائم على الناقلات العملاقة، واقتراب الخزانات من الامتلاء التام، تزداد المخاطر بالنسبة للمستثمرين في مجال النفط بشكل عام، خصوصاً مع استمرار ضبابية المشهد العام في ظل عدم وجود موعد متوقع لانحسار الوباء، وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية بياناً اليوم يحذر من أن “القادم أسوأ” فيما يخص كورونا.
1.1.4 قصة حرب الأسعار التي أشعلتها العربية السعودية
امتدت الخلافات حول أفضل السبل لإدارة أسواق النفط العالمية في اجتماع عُقد بين أوبك وروسيا في فيينا يوم الجمعة 6 مارس 2020 ،وبعد أن قالت روسيا إنها ستتخلى عن التحالف، حذرت المملكة العربية السعودية من أن روسيا ستندم على قرارها، بحسب ما أفادته مصادر حضرت الاجتماع لـCNN .
وكانت قد سئمت موسكو من خفض الإنتاج لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط، وشعرت أن سياسة ضبط العرض أعطت مساحة أكبر لشركات النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية للنمو، ما دفع وزير الطاقة الروسي، ألكساندر نوفاك، إلى القول إن الدول يمكنها أن تنتج كما يحلو لها ابتداء من 1 أبريل / نيسان 2020..
وقررت المملكة السعودية خلال نهاية الأسبوع زيادة حصتها في السوق من خلال خفض الأسعار التي يدفعها عملاؤها المفضلون لتتراوح بين 4 دولارات و7 دولارات للبرميل.
لا شك بأنه لن تستفيد أي من الدول مما يحدث، إذ ستخسر الدول الرئيسية المنتجة للنفط مبالغ طائلة بصرف النظر عن حصتها في السوق.
- تدعي روسيا أنها الأكثر عزلة فيما يتعلق بانخفاض الأسعار لأن ميزانيتها السنوية تعتمد على متوسط سعر يبلغ حوالي 40 دولاراً للبرميل، إذ أجبرتها العقوبات الأمريكية على أن تصبح أكثر كفاءة.
- أما دول الخليج، فتنتج النفط بأقل تكلفة ممكنة، مقابل حوالي دولارين إلى 6 دولارات للبرميل الواحد في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، ولكن بسبب الإنفاق الحكومي الكبير والإعانات السخية للمواطنين، فإنها تحتاج إلى سعر يتراوح ما بين 70 دولاراً للبرميل أو أكثر لتحقيق التوازن في ميزانياتها.
- كما ستتأثر الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، إذ أن طفرة النفط الصخري جلبت معها مفاجأة اقتصادية لبعض الولايات، وستؤذي الأسعار المنخفضة شركات النفط.
- ستستفيد الدول المستوردة الكبرى مثل الصين والهند وألمانيا وتركيا من انخفاض فواتير الطاقة، بينما سيستفيد المستهلكون بشكل عام من انخفاض أسعار النفط وما ينجم عن ذلك من انخفاض في أسعار الغاز، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تتفاعل أسواق التجزئة بشكل مباشر مع العرض والطلب، إلّا أن الضرائب والرسوم الإضافية تشكل الحصة الأكبر من أسعار الغاز في أوروبا، وبالتالي فإن التأثير سيكون أقل وضوح.
اللعبة أمريكية
اكتشف الآن محمد بن سلمان كم هي ضعيفة أوراقه عندما أغضب بوتين، ولكن من الإنصاف أن نقول إنه قبل أن يجري المكالمة استشار صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط جاريد كوشنر الذي استمع من ولي العهد السعودي إلى ما كان ينوي عمله ولم يعترض.
وهذا يفسر لماذا كان أول رد فعل لترامب هو الترحيب بانهيار أسعار النفط، وقال كلمته أمام شعبه مبتسما ابتسامة لا تخلو من رسائل ” سنملئ خزاناتنا الاستراتيجية إلى سقوفها”، وقد ظن ترامب أنه مقابل تخفيض سنت واحد من سعر النفط فإن مليار دولار من القدرة الشرائية للمستهلكين سوف تتحرر داخل أمريكا، وظل على ذلك إلى أن تنبه إلى ما كان يسببه انهيار أسعار النفط من تداعيات على القطاع النفطي وخصوصا الصخري منه في بلاده، ليبدأ حملة ضغط جديدة على محمد بن سلمان لأجل إعادة النظر .
1.1.5 انخفاض الطلب على النفط
قالت وكالة الطاقة الدولية، إن الطلب العالمي على النفط الخام سيتراجع بمقدار 23.1 مليون برميل يوميا، في الربع الأول 2020، مدفوعا بالتبعات الاقتصادية لفيروس كورونا.
وذكرت الوكالة في تقرير، أن الطلب على النفط الخام سيتراجع بمقدار 29 مليون برميل يوميا، خلال أبريل/ نيسان الجاري، ما يعني تراجعا بنسبة 29 بالمئة من إجمالي الطلب قبل الجائحة، البالغ 100 مليون برميل يوميا.
ورأى التقرير أن إمدادات تحالف “أوبك +” ستتراجع بمقدار 12 مليون برميل بالمتوسط اعتبارا من مايو/ أيار المقبل، مع دخول اتفاق بخفض قياسي للإنتاج حيز التنفيذ.
فيما قدرت تراجع إمدادات من جانب منتجين آخرين مستقلين، بمقدار 2.3 مليون برميل يوميا، كمتوسط خلال العام الجاري.
وزادت الوكالة: التراكم اليومي للنفط الخام في النصف الأول 2020، سيبلغ 12 مليون برميل يوميا، “وهو رقم يهدد استقرار سوق النفط العالمية وسيؤخر التعافي في الأسعار”.
لا يوجد إجماع على مدى سرعة تعافي الطلب. يرى بعض المحللين ، بما في ذلك في شركة الاستشارات Wood Mackenzie Ltd. وبنك Citigroup Inc. ، انتعاشًا في وقت مبكر من العام المقبل سيدفع الاستهلاك إلى ما بعد مستويات 2019 القياسية.
السفر جوا
ويقدر كورفالين من غولدمان أن التنقل والسفر الجوي كانا يمثلان 16 مليون برميل في اليوم من الطلب العالمي على النفط ، والتي “قد لا تعود أبدًا إلى مستوياتها السابقة” حتى بعد التعافي من جائحة كورونا، سيستمر الناس في البقاء بالقرب من منازلهم
وقال كونيت كازوكوجلو محلل النفط في لندن للاستشارات الاستشارية (FGE): “بعد هذا الاضطراب الخارجي ، ما سيحدث هو أن الناس سوف يتجنبون وسائل النقل العام وسيعتمدون بشكل متزايد على السيارات”. “سيؤدي ذلك إلى رفع الطلب على البنزين”.
العمل من المنزل
قال جافين تومبسون ، نائب رئيس مجلس إدارة شركة الاستشارات وود ماكينزي المحدودة في آسيا والمحيط الهادئ: “ستقول الشركات أن موظفينا منتجين تمامًا ، ويمكننا أن نوفر مساحة مكتبية أقل بنسبة 50٪.” في غرب أوروبا والولايات المتحدة ، على الأقل ، سترى تحركًا مستدامًا ودائمًا نحو المزيد من العمل من المنزل. ”
التسوق عبر الانترنت
قال بير ماغنوس نيسفين ، الشريك الرئيسي في شركة Rystad Energy AS ومقرها أوسلو: “اعتاد الناس الآن على شحن البضائع إلى منازلهم ، وبأسعار معقولة وموثوقة”. “هذا سيحول الطلب نحو الديزل”.