حزمة العقوبات السادسة تطال ولأول مرة المركزي السوري

يرى البعض أن قانون قيصر، هو بارقة الأمل المشرقة من جهة الغرب، بينما يرى آخرون أنه لا يزيد عن كونه مجرد خطوة تكتيكية ضمن استراتيجية الولايات المتحدة في تعاملها مع الملف السوري، هذه الاستراتيجية الباردة والتي حددت أهدافها بنقاط ثلاثة ليس من بينها رحيل أو محاسبة الأسد، وقد ذكر المبعوث الأمريكي إلى سورية السيد جويل رايبورن هذه النقاط الثلاثة وهي :

  1. القضاء على تنظيم الدولة.
  2. إنهاء النفوذ الإيراني في سورية.
  3. إجبار نظام الأسد على تطبيق الحل السياسي.

والحقيقة، من خلال النقاط الثلاثة فإننا ندرك جوهر وعمق قانون قيصر، وندرك أن الحزمة السادسة من العقوبات التي صدرت أول أمس وطالت ثمانية عشر شخصية حقيقية واعتبارية، إنما جاءت ضمن السياقات والمحددات السياسية التالية:

السياق الأول :

إن هذه الحزمة جاءت بالتنسيق بين واشنطن ولندن، بعد أن ازداد نشاط عائلة الأخرس بتلميع صورة النظام السوري  في الولايات المتحدة على أيدي وطفة تسابحجي وفواز الأخرس وزوجته سحر وأولاده فراس وإياد، فجاءت هذه الخطوة بالتنسيق مع بلد يحملون جنسيته، وذلك لإحكام السيطرة على محاسبتهم وبالتالي الحجز على أصولهم فيما بعد.

وقد توافقت وجهات النظر بأسماء الأسد بين الخارجية الأمريكية التي وصفتها : ” بأنها تلعب دورا يمنع التوصل إلى حلول سياسية” وبين ما نشرته الغارديان البريطانية : ” لقد تحولت إلى سيدة أولى للجحيم ” وبين بيان وزارة الخزانة الامريكية والذي أشار إلى أن عائلتي الأسد والأخرس راكمتا ثروات طائلة وغير مشروعة في البنوك الأوربية والخليجية، وذلك على حساب الشعب السوري.

 

السياق الثاني :

طالت العقوبات ولأول مرة البنك المركزي السوري، وفي هذه رسالة للشركات التي كانت قد عزمت على المشاركة في إعادة الإعمار، بأن المركزي السوري والذي منح فرصة أن يغسل يديه الملطخة بدماء السوريين بعد أن أنفق أكثر من خمسين مليار دولار على تمويل العمليات العسكرية في سورية وشراء وتصنيع البراميل المتفجرة الغبية الملقاة على رؤوس الأطفال والشيوخ والنساء في سورية.

هذه المؤسسة لم تستفد من الفرصة الممنوحة لها بدون مبرر من طرف الخزانة الأمريكية، بل تمادت في التعاون مع المركزي في إيران والمصارف الروسية، والحزب السوري القومي الاجتماعي، وحركة أمل، وحزب الله، وشركات شام القابضة وسولان وليا وبولي ميدكس وليتيا وجماعات تابعة لميشيل عون وكفاح ملحم ولينا الكنايا، وآخرين …

فجاءت الحزمة السادسة من العقوبات لتقول لكل هؤلاء الأطراف ما عاد مسموحا لكم تلميع صورة النظام المجرم وتسويقه أو مناصرته في مشروع الانتخابات القادمة.

أيضا ستكرس هذه العقوبات أزمة النظام المالية في الحصول على السيولة وتمويل إعادة الإعمار، فلم يعد بمقدور المصارف السورية إصدار الاعتمادات أو تلقي التحويلات عبر السويفت.

 

السياق الثالث

بعد أن منحت اليونسكو كرسي تحكيم إلى جمعية ( الأمانة السورية للتنمية ) والتي تترأسها أسماء الأسد، جاءت العقوبات لتقول لهذا الوجه الأنثوي والذي خرج في الأمس القريب من أزمة سرطان الثدي، ليتنقل بين جمعية البستان ، والبساتين التي أحرقت بأيد مجهولة ولأغراض مشبوهة.

هذا الوجه الذي أريد له أن يخفي جرائم النظام البشعة بستار أنساني رقيق، يتعرض اليوم من خلال الحزمة السادسة من العقوبات لصفعة قوية ، تريد أن تفهمه أنه وجه لم يعد مرغوب، وأن منحة اليونيسيف وملايين الدولارات التي سرقت تحت غطاء إنساني ستتوقف.

ولهذا السبب فقد قطع قانون قيصر الطريق أمام نظام الإجرام الأسدي الذي ما برح يعلق فشله على شماعة قيصر، متجاهلا سوء التعينات وشبكات الفساد وسرقة الأموال العامة ضمن عوائل تحيط بقصره، وتهريب ما يزيد عن 50 مليار دولار إلى لبنان وتبخرها هناك.

فجاء القانون يستثني احتياجات الشعب من الدواء والغذاء والاحتياجات المعيشية.

 

السياق الرابع

حزمة العقوبات السادسة هذه جاءت بقرار تنفيذ من الرئيس الأمريكي بناء على قرار مجلس الامن 2254 ، فهي وإن كانت متممة لخطوات قيصر لكنها لم تندرج تحته كقانون، وهذا النهج القانوني لا يترك للإدارة الجديدة فرصة تخفيف هذه العقوبات على نظام بشار الأسد، وجاء تأكيد المبعوث الأمريكي إلى سورية ضمن سياق مشابه ليؤكد انه لا تغيير في السياسة الأمريكية الخارجية حيال هذا الملف.

 

بقلم : عبد الحميد الوهب